مقدمــــــــــــــة في تـــــاريخ السيـاحــــــــــــة

عرف الانسان السفر والترحال منذ بداية وجوده على هذه الرض، حيث كان يسعى وراء طعامه وشرابه، وكانت التجارة وأداء الطقوس الدينية هي الأغراض الأولى التي دفعت الإنسان إلى السفر والترحال من منطقة إلى أخرى، وتاريخ السفر ارتبط بظاهرة الحج في العصور الوسطى Medieval Pilgrimage والتي يعبر عنها في الوقت الحاضر بـ Holydays أو الأيام المقدسة، حيث المصطلح المشتق من مقدس Holy ويوم Day، هذا النوع من الرحلات شكل النواة الولى لظاهرة السفر غير العشوائي والذي تطور حتى وصل في يومنا هذا إلى ظاهرة منظمة هي الحج، حيث يسافر الملايين سنوياً لأداء فريضة الحج والعمرة.

         لقد أضاف الرحالة العرب وغيرهم من المستكشفين في هذه العصور مفاهيم كثيرة للسفر والترحال لم تقتصر على التجارة أو الدين بل تجاوزته إلى ما هو أوسع كمعرفة البلاك وسكانها وعاداتهم وثقافاتهم واصولهم واعمالهم ومنتجاتهم حتى كانوا الأسس المتينة للعلوم الجغرافية والاجتماعية والأجناس والطب والتي كونت في مجموعها أساس العلوم في عصرنا الحاضر.

         وفي مطلع القرن السابع عشر أصبح من المتعارف عليه القيام برحلات كبيرة Grand Tour وكان أولاد النبلاء يرسلون في رحلات إلى أوروبا لأغراض التعلم والثقافة، وفي القرن الثامن عشر كان العصر الذهبي للرحلات الكبيرة Grand tour حيث أصبحت روما رمزاً للزوار الأوروبيين، وأصبحت ظارهة الزائر المتجول Backpacker الذي يزور البلاد لأغراض متعددة، رافق ذلك ظهور نظام العطل الثقافية الذي عزز من مفهوم الحلات الكبيرة.

         وعلى الرغم من وجود السياحة الصحية Health Tourism  ولكن أهميتها لم تتعاظم إلا في القرن الثامن عشر، وتزامن وجودها في انجلترا مع مفهوم المنتجعات Spas وهو المكان الذي يعتمد على المياه المعدنية والكبريتية للمعالجة من الأمراض كالنقرس والتهاب القصبات والمفاصل واضطربات الكبد وغيرها، وكانت مدينة Bath الأكثر شهرة .

وجبال الألب، وساهمت الشركات الأوروبية والبنوك في دعم مفهوم الرحلات المنظمة خاصة بعد نمو الطبقة الوسطى وانتشار النقل السككي.

         ومع بداية العصر الحديث كانت السياحة تتركز على الانتقال داخل الدولة (السياحة المحلية)، حيث السفر الخارجي محصوراً بالأغنياء والمثقفين، فظهرت مواقع داخلية تتمتع بجانبه المظهر البيئي Scenery، وهذا أدى إلى بداية ظاهرة المخيمات السياحية Holiday camp في مطلع الثلاثينيات ولكن هذه الظاهرة توسعت بعد الحرب العالمية الثانية.

         وكان من أهم العوامل التي أدت إلى تطوير السفر الجماعي المنظم هي الإجازات المدفوعة Paid holiday حيث بلغ عدد العمال الذين تمتعوا بالإجازات المدفوعة (1.5) مليون عامل عام 1925 ، وارتفع إلى (11) مليون عامل بحلول عام 1939.

         لقد شكل النقل السككي والنقل البحري أهم العوامل في تطور السياحة نحو العالمية وبدخول النقل الجوي خاصة بعد الحرب العالمية الثانية حيث توفرت البنى التحتية من الطيارين والطائرات والذين وضعوا في خدمة السياحة والسفر في البلاد الأوروبية بصفة خاصة، وكانت أول الرحلات السياحية المنظمة في 20/آذار/ 1950 حيث نظمت رحلات لمدة أسبوعين إلى كورسيا (بفرنسا)، فضلاً عن التحسن في مستوى المعيشة في العديد من الدول وارتفاع مستويات الدخل وتحسن الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وغيرها وقد كانت أكثر التطورات التي شهدتها السياحة عالمياً خلال العشرين سنة الماضية في الدول الأوربية حيث يمتلك السياح مستوى عال من الدخل Disposable income ووقت كبير للفراغ ومستوى عال من التعليم مع نوعية عالية من المنتج السياح